التقرير
كلبُ والينا المُعَظَّـمْ
عضَّني اليومَ ، ومـاتْ !
فدعاني حارسُ الأمـنِ لأُعـدَمْ
بعدما أثبتَ تقريـرُ الوفـاةْ
أنَّ كلبَ السَّـيدِ الـوالي
تسـمَّم !
هـذه الأرضُ لنـا
قُـوتُ عِيالِنا هُنـا
يُهـدِرُهُ جلالـةُ الحِمـارْ
في صـالـةِ القِمـارْ .
وكُلُّ حقِّـهِ بـهِ
أنَّ بعـيرَ جـدِّهِ
قَـدْ مَـرَّ قبـلَ غيرِهِ
بِهـذِهِ الآبـارْ !
* * *
يا شُـرَفاءُ
هـذهِ الأرضُ لَنـا .
الزّرعُ فوقَهـا لَنـا
والنِّفـطُ تحتَهـا لَنـا
وكُلُّ ما فيها بماضيها وآتيها لنا .
فما لَنا
في البرْدِ لا نَلبسُ إلاّ عُرْيَنـا ؟
وما لَنـا
في الجـوعِ لا نأكُلُ إلاَّ جوعَنـا ؟
وما لَنا نغرقُ وَسْـطَ القـارْ
في هـذهِ الآبـارْ
لكـي نصـوغَ فقرَنا
دِفئاً ، وزاداً ، وغِـنى
مِـنْ أجْـلِ أولادِ الزِّنـى ؟!
الطب يضر بصحتك
لي صاحـبٌ
يدرسُ في الكُلَّيـة الطبيَّـهْ
تأكَّدَ المخبرُ من ميولـهِ الحزبيّـهْ
وقامَ باعتقالِـهِ
حينَ رآهُ مَـرَّةً
يَقرأُ عن تَكَـوُّنِ " الخليّـهْ " !
* * *
وبعدَ يومٍ واحـدٍ
أُفْرِجَ عن جُثَّتِـهِ
بحالةٍ أمْنيَّـهْ :
في رأسِهِ رَفْسَـةُُ بُندقيّـهْ !
في صَدْرِهِ قُبْلَـةُ بُندقيّـهْ !
في ظَهْرِهِ صُورَةُ بُندقيّـهْ !
لكنَّـني
حينَ سألتُ حارسَ الرعيَّـهْ
عن أمرِهِ
أخـبرني
أنَّ وفاةَ صاحبي قـد حَدَثَـتْ
بالسكتةِ القلبيَّـهْ !
المتهم
كنتُ أمشي في سـلامْ
عازِفاً عن كلِّ ما يَخدِشُ
إحساسَ النظـامْ .
لا أُصِيخُ السـمعَ
لا أَنظـرُ
لا أَبلعُ ريقـي .
لا أَرومُ الكشفَ عن حُـزني
وعن شدَّةِ ضيقـي .
لا أُمِيطُ الجفنَ عن دمعـي
ولا أَرمي قِنـاعَ الابتسامْ
كنتُ أَمشـي … والسـلامْ .
فإذا بالجُـندِ قد سـدّوا طريقي
ثم قادوني إلى الحبـسِ
وكانَ الإتِّـهَامْ :
أنَّ شخصاً مَـرَّ بالقصرِ
وقد سبَّ الظـلامْ
قبلَ عـامْ .
ثُمَّ بعدَ البحثِ والفحـصِ الدقيـقِ
عَلِمَ الجُندُ بأنَّ الشخـصَ هذا
كانَ قد سَلَّمَ في يـومٍ
على جـارِ صديقي !
الجدار
وقفتُ في زنزانـتي
أُقَلِّبُ الأفكارْ :
أنا السجينُ ها هُنـا
أم ذلك الحـارسُ بالجوارْ ؟
فكلُّ ما يفصلنـا جـدارْ
وفي الجدارِ فتحـةٌ
يرى الظلامَ من ورائِـها
وألمحُ النهـارْ !
* * *
لحارسي ، ولي أنا .. صِغارْ
وزوجـةٌ ودارْ
لكنَّـهُ مثلي هُنـا
جاءَ بهِ وجاءَ بي قَـرارْ
وبيننا الجـدارْ !
يوشِكُ أن ينـهارْ !
* * *
حدّثني الجـدارْ
فَقال لي : أنّ الذي ترثـي لـهُ
قد جاء باختيـارهِ
وجئتَ بالإجبـارْ .
وقبل أن ينهارَ فيما بيننـا
حدّثني عن أَسَـدٍ
سجَّـانُـهُ حِمـارْ !
ربما ..
رُبَّما الزاني يَتوبْ .
رُبَّما الماءُ يَروبْ !
رُبَّما يُحْمَلُ زَيتٌ في الثقوبْ !
رُبَّما شمسُ الضُّحَى
تُشرقُ من صَوبِ الغروبْ !
رُبَّما يَبرأُ إبليسُ منَ الذَّنْـبِ
فيعفو عنهُ غَفَّارُ الذنوبْ !
إنَّما لا يَبرأُ الحُكَّـامُ
في كلِّ بلادِ العُـرْبِ
من ذَنْبِ الشُّعوبْ !